ملح: لم يبق إلا أياما يسيرة، فيفسد، فإذا كان فيه الملح منعه من الفساد؛ فيقول: لما كان يصلح به القوت جعل له حكمه.
وقوله:(وأكل الربا) . ذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأكل؛ لأنه أعم وجوده الانتفاع، هكذا قال أهل العلم، ولهذا قال تعالى في بني إسرائيل:{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}[النساء: ١٦١] ، ولم يقل أكلهم، والأخذ أعم من الأكل؛ فأكل الربا معناه أخذه، سواء استعمله في الأكل أو الفرش أو البناء أو المسكن أو غير ذلك.
قوله:(وأكل مال اليتيم) . اليتيم: هو الذي مات أبوه قبل بلوغه، سواء كان ذكرا أم أنثى، أما من ماتت أمه قبل بلوغه؛ فليس يتيما لا شرعا ولا لغة.
لأن اليتيم مأخوذ من اليتم، وهو الانفراد؛ أي: انفرد عن الكاسب له؛ لأن أباه هو الذي يكسب له.
وخص اليتيم؛ لأنه لا أحد يدافع عنه؛ ولأنه أولى أن يرحم، ولهذا جعل الله له حقا في الفيء، وإذا كان أحق أن يرحم؛ فكيف يسطو هذا الرجل الظالم على ماله فيأكله؟ !
ويقال في أكل مال اليتيم ما قيل في أكل الربا؛ فليس خاصا بالأكل، بل حتى لو استعمله في السكن أو الفرش أو الكتب أو غيرها؛ فهو داخل في ذلك.
وأكل مال غير اليتيم ليس من الكبائر؛ لأن اليتيم له شأن خاص، ولهذا توعد الله من يأكل أموال اليتامى، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}[النساء: ١٠] .
قوله:(والتولي يوم الزحف) . التولي: بمعنى الإدبار والإعراض، ويوم الزحف؛ أي: يوم تلاحم الصفين في القتال مع الكفار، وسمي يوم الزحف؛