معرفة الغيب بمقدمات يستعملها، وهذا المعنى أعم، ويدل عليه الاشتقاق، إذ هو مشتق من المعرفة، فيشمل كل من تعاطى هذه الأمور وادعى بها المعرفة.
قوله:(فسأله، لم تقبل له صلاة أربعين يوما) . ظاهر الحديث أن مجرد سؤاله يوجب عدم قبول صلاته أربعين يوما، ولكنه ليس على إطلاقه، فسؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يسأله سؤالا مجردا، فهذا حرام لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(من أتى عرافا ... ) ، فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه، إذ لا عقوبة إلا على فعل محرم.
القسم الثاني: أن يسأله فيصدقه، ويعتبر قوله، فهذا كفر لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن، حيث قال تعالى:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}[النمل: ٦٥] .
القسم الثالث: أن يسأله ليختبره: هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله، فهذا لا بأس به، ولا يدخل في الحديث.
«وقد سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن صياد، فقال:(ماذا خبأت لك؟ قال: الدخ. فقال: (اخسأ، فلن تعدو قدرك) » ، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأله عن شيء أضمره له، لأجل أن يختبره، فأخبره به.
القسم الرابع: أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، فيمتحنه في أمور يتبين بها