الجواز، بل إذا رتبت العقوبات على الفعل كان دليلا على تحريمه.
قوله:(رواه أحمد بسند جيد وأبو داود) . سند أبي داود إلى أحمد متصل؛ لأنه قد حدثه وأدركه.
قوله:(فقال: ابن مسعود يكره هذا كله) . أجاب - رحمه الله - بقول الصحابي، وكأنه ليس عنده أثر صحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك، وإلا لاستدل به.
والمشار إليه في قوله:(يكره هذا كله) كل أنواع النشرة، وظاهره: ولو كانت على الوجه المباح على ما يأتي، لكنه غير مراد؛ لأن النشرة بالقرآن والتعوذات المشروعة لم يقل أحد بكراهته، وسبق أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يكره تعليق التمائم من القرآن وغير القرآن.
وعلى هذا، فالكلية في قول أحمد:(يكره هذا كله) يراد بها النشرة التي من عمل الشيطان، وهي النشرة بالسحر والنشرة التي من التمائم.
وقوله:(يكره) . الكراهة عند المتقدمين يراد بها التحريم غالبا، ولا تخرج عنه إلا بقرينة، وعند المتأخرين خلاف الأولى، فلا تظن أن لفظ المكروه في عرف المتقدمين أو كلامهم مثله في كلام المتأخرين، بل هو يختلف، انظر إلى قوله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[الإسراء: ٢٣] ، إلى أن قال بعد أن ذكر أشياء محرمة:{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}[الإسراء: ٣٨] ، ولا شك أن المراد بالكراهة هنا التحريم.