للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمكن تعارض حقين على وجه لا يمكن الجمع بينهما، وقد ثبت في القرآن أن الجنة عرضها كعرض السماء والأرض، قال الله - تعالى -: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} . وفي الآية الأخرى: {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} ، وهذا حق بلا ريب.

وفي مسند الإمام أحمد: «أن هرقل كتب للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: إذا كانت الجنة عرضها السماوات والأرض فأين تكون النار؟ . فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إذا جاء الليل فأين يكون النهار» ؟ فإن صح هذا الحديث، فوجهه أن السماوات والأرض في مكانهما والجنة في مكانها في أعلى عليين، كما أن النهار في مكان والليل في مكان، وإن لم يصح الحديث، فإن في كون الجنة عرضها السماوات والأرض لا يعني أنها قد ملأتهما، ولكن يعني: أن الجنة عظيمة السعة، عرضها كعرض السماوات والأرض.

ثم إن قول السائل: " إن هذا الكون ليس فيه إلا السماوات والأرض" ليس بصحيح، فهذا الكون فيه السماوات والأرض،، وفيه الكرسي والعرش، وقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يقول بعد رفعه من ركوعه: «ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد» ، فهناك عالم غير السماوات والأرض لا يعلمه إلا الله، كذلك نحن نعلم منه ما علمنا الله- تعالى - مثل العرش والكرسي، والعرش هو أعلى المخلوقات والله - سبحانه وتعالى - قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>