وقوله: لو تعلمون. مؤكد ثالث كأنه قال: ينبغي أن تعلموا هذا الأمر ولا تجهلوه، فهو أعظم من أن يكون مجهولا، فإنه يحتاج إلى علم وانتباه، فلو تعلمون حق العلم لعرفتم عظمته، فانتبهوا.
قوله: لقرآن. مصدر مثل الغفران والشكران بمعنى اسم الفاعل، وبمعنى اسم المفعول، فعلى الأول يكون المراد أنه جامع للمعاني التي تضمنتها الكتب السابقة من المصالح والمنافع، قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}[المائدة: ٤٨] ، وعلى الثاني يكون بمعنى المجموع؛ لأنه مجموع مكتوب.
قوله: كريم. يطلق على كثير العطاء، وهذا كمال في العطاء متعد للغير، ويطلق على الشيء البهي الحسن، ومنه قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إياك وكرائم أموالهم "، أي: البهي منها والحسن، وهذا كمال في الذات، وهذان المعنيان موجودان في القرآن، فالقرآن لا أحسن منه بذاته، قال تعالى:{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}[الأنعام: ١١٥] .
والقرآن يعطي أهله من الخيرات الدينية والدنيوية والجسمية والقلبية، قال تعالى:{فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}[الفرقان: ٥٢] ، فهو سلاح لمن تمسك به، ولكن يحتاج إلى أن نتمسك به بالقول والعمل والعقيدة، فلا بد أن يصدق العقيدة العمل، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح»