ولذا يروى عن الحسن رحمه الله أنه قال:" ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه "، فالجوارح مرآة القلب.
فإن قيل: المحبة في القلب ولا يستطيع الإنسان أن يملكها، ولهذا يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:«اللهم إن هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك»(١) ، وكيف للإنسان أن يحب شيئا وهو يبغضه؟ وهل هذا إلا من محاولات جعل الممتنع ممكنا؟
أجيب: أن هذا إيراد ليس بوارد، فالإنسان قد تنقلب محبته لشيء كراهة وبالعكس، إما لسبب ظاهر أو لإرادة صادقة، فمثلا: لك صديق تحبه فيسرق منك وينتهك حرمتك، فتكرهه لهذا السبب، أو لإرادة صادقة كرجل يحب شرب الدخان، فصار عنده إرادة صادقة وعزيمة ثابتة، فكره الدخان، فأقلع عنه.
«وقال عمر رضي الله عنه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنك لأحب إلي من كل شيء إلا من نفسي. قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك. قال: الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الآن يا عمر» ، فقد ازدادت محبة عمر رضي الله عنه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن الحب قد يتغير.
(١) الإمام احمد في (المسند) (٦/ ١٤٤) ، وأبو داود: كتاب النكاح / باب في القسم بين النساء، والترمذي: كتاب النكاح / باب التسوية بين الضرائر، والنسائي: كتاب عشرة النساء / باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض، وابن ماجه: كتاب النكاح / باب القسمة بين النساء، والحاكم (٢/٢٠٤) – صححه ووافقه الذهبي -.