قالوا:{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}[آل عمران: ١٧٣] ، وذلك ليصدوهم عن واجب من واجبات الدين وهو الجهاد، فيخوفونهم بذلك، وكذلك ما يحصل في نفس من أراد أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر، فيخوفه الشيطان ليصده عن هذا العمل، وكذلك ما يقع في قلب الداعية.
والحاصل: أن الشيطان يخوف كل من أراد أن يقوم بواجب، فإذا ألقى الشيطان في نفسك في الخوف فالواجب عليك أن تعلم أن الإقدام على كلمة الحق ليس هو الذي يدني الأجل، وليس السكوت والجبن هو الذي يبعد الأجل، فكم من داعية صدع بالحق ومات على فراشه؟ وكم من جبان قتل في بيته؟ !
وانظر إلى خالد بن الوليد، كان شجاعا مقداما ومات على فراشه، وما دام الإنسان قائما بأمر الله، فليثق بأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وحزب الله هم الغالبون.
قوله:{فَلَا تَخَافُوهُمْ} . لا ناهية، والهاء ضمير يعود على أولياء الشيطان، وهذا النهي للتحريم بلا شك، أي: بل امضوا فيما أمرتكم به وفيما أوجبته عليكم من الجهاد، ولا تخافوا هؤلاء، وإذا كان الله مع الإنسان فإنه لا يغلبه أحد، لكن نحتاج في الحقيقة إلى صدق النية والإخلاص والتوكل التام، ولهذا قال تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، وعلم من هذه الآية أن للشيطان وساوس يلقيها في قلب ابن آدم منها التخويف من أعدائه، وهذا ما وقع فيه كثير من الناس، وهو الخوف من أعداء الله فكانوا فريسة لهم، وإلا لو اتكلوا على الله وخافوه قبل كل شيء لخافهم الناس، ولهذا قيل في المثل: من خاف الله خافه كل شيء، ومن اتقى الله اتقاه كل شيء، ومن خاف من غير الله خاف من كل شيء.