الآية الثالثة قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} . المراد به الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يخاطب الله رسوله بوصف النبوة أحيانا وبوصف الرسالة أحيانا، فحينما يأمره أن يبلغ يناديه بوصف الرسالة، وأما في الأحكام الخاصة، فالغالب أن يناديه بوصف النبوة، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}[التحريم: ١] ، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}[الطلاق: ١] .
والنبي فعيل بمعنى مفعل بفتح العين ومفعل بكسرها، أي: منبأ، ومنبئ، فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منبأ من قبل الله، ومنبئ لعباد الله.
قوله:{حَسْبَكَ اللَّهُ} أي: كافيك، والحسب: الكافي، ومنه قوله: أعطي درهما فحسب، وحسب خبر مقدم، ولفظ الجلالة مبتدأ مؤخر، والمعنى: ما الله إلا حسبك، ويجوز العكس، أي: أن تكون حسب مبتدأ ولفظ الجلالة خبره، ويكون المعنى: ما حسبك إلا الله، وهذا أرجح.
قوله:{وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} . من: اسم موصول مبنية على السكون، وفي عطفها رأيان لأهل العلم: قيل: حسبك الله، وحسبك من اتبعك من المؤمنين، فـ من معطوفة على الله لأنه أقرب، ولو كان العطف على الكاف في حسبك لوجب إعادة الجار، وهذا كقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال: ٦٢] ، فالله أيد رسوله بالمؤمنين، فيكونون حسبا له هنا كما كان الله حسبا له.
وهذا ضعيف، والجواب عنه من وجوه:
أولا: قولهم: عطف عليه لكونه أقرب ليس بصحيح، فقد يكون العطف