للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بناته: " «مرها؛ فلتصبر ولتحتسب» .

إذن الصبر ثلاثة أنواع، أعلاها الصبر على طاعة الله، ثم الصبر على معصية الله، ثم الصبر على أقدار الله.

وهذا الترتيب من حيث هو لا باعتبار من يتعلق به، وإلا فقد يكون الصبر على المعصية أشق على الإنسان من الصبر على الطاعة، إذا فتن الإنسان مثلا بامرأة جميلة تدعوه إلى نفسها في مكان خال لا يطلع عليه إلا الله، وهو رجل شاب ذو شهوة؛ فالصبر عن هذه المعصية أشق ما يكون على النفوس، قد يصلي الإنسان مائة ركعة وتكون أهون عليه من هذا.

وقد يصاب الإنسان بمصيبة يكون الصبر عليها أشق من الصبر على الطاعة، فقد يموت له مثلا قريب، أو صديق، أو عزيز عليه جدا، فتجده يتحمل من الصبر على هذه المصيبة مشقة عظيمة.

وبهذا يندفع الإيراد الذي يورده بعض الناس ويقول: إن هذا الترتيب فيه نظر؛ إذ بعض المعاصي يكون الصبر عليها أشق من بعض الطاعات، وكذلك بعض الأقدار يكون الصبر عليها أشق، فنقول: نحن نذكر المراتب من حيث هي بقطع النظر عن الصابر.

وكان الصبر على الطاعة أعلى؛ لأنه يتضمن إلزاما وفعلا، فتلزم نفسك الصلاة فتصلي، والصوم فتصوم، والحج فتحج. . . ففيه إلزام، وفعل، وحركة فيها نوع من المشقة والتعب، ثم الصبر على المعصية؛ لأن فيه كفا فقط؛ أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>