فبين الله - تعالى - في هذه الآيات الكريمة أن غيب السماوات والأرض لله - تعالى - وحده لا يشركه فيه غيره، ولا يظهر سبحانه أحدا على هذا الغيب إلا من ارتضاه من الرسل الكرام.
وكل علم يتعلق بالمستقبل فإنه من علم الغيب، كما قال - تعالى -: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} .
ومن ذلك علم قيام الساعة، فإنه من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولم يطلع الله عليه أحدا من خلقه، حتى أشرف الرسل من الملائكة والبشر لا يعلمونه، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «أن جبريل أتى إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد من الصحابة، فسأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، فبينها له، ثم قال: أخبرني عن الساعة؟ فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ما المسئول عنها بأعلم من السائل "، قال فأخبرني عن أماراتها؟ فأخبره بشيء منها.» .
فقوله - صلي الله عليه وسلم -: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل» ؛ يعني أن علمي، وعلمك فيها سواء، فلست أعلم بها منك حتى أخبرك، فإذا كنت لا تعلمها فأنا لا أعلمها، فإذا انتفى علمها عن أفضل الرسل من الملائكة، وأفضل الرسل