للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: من أراد بعمله الدنيا كيف يقال إنه مخلص مع أنه أراد المال مثلا؟

أجيب: إنه أخلص العبادة، ولم يرد بها الخلق إطلاقا، فلم يقصد مراءاة الناس ومدحهم، بل قصد أمرا ماديا، فإخلاصه ليس كامل؛ لأن فيه شركا، ولكن ليس كشرك الرياء يريد أن يمدح بالتقرب إلى الله، وهذا لم يرد مدح الناس بذلك، بل أراد شيئا دنيئا غيره.

ولا مانع أن يدعو الإنسان في صلاته ويطلب أن يرزقه الله المال، ولكن لا يصلي من أجل هذا الشيء، فهذه مرتبة دنيئة.

أما طلب الخير في الدنيا بأسبابه الدنيوية؛ كالبيع، والشراء، والزراعة، فهذا لا شيء فيه، والأصل أن لا نجعل في العبادات نصيبا من الدنيا، وقد سبق البحث في حكم العبادة إذا خالطها الرياء في باب الرياء.

ملاحظة:

بعض الناس عندما يتكلمون على فوائد العبادات يحولونها إلى فوائد دنيوية. فمثلا يقولون: في الصلاة رياضة وإفادة الأعصاب، وفي الصيام فائدة إزالة الرطوبة وترتيب الوجبات، والمفروض ألا نجعل الفوائد الدنيوية هي الأصل؛ لأن الله لم يذكر ذلك في كتابه، بل ذكر أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.

وعن الصوم أنه سبب للتقوى؛ فالفوائد الدينية في العبادات هي الأصل والدنيوية ثانوية، لكن عندما نتكلم عند عامة الناس، فإننا نخاطبهم بالنواحي الدينية، وعندما نتكلم عند من لا يقتنع إلا بشيء مادي؛ فإننا نخاطبه بالنواحي الدينية والدنيوية، ولكل مقام مقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>