للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجحيم، صار عليهم أشد وأعظم في فقد ما متعوا به في الدنيا.

قوله: {وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} . البخس: النقص؛ أي: لا ينقصون مما يجازون فيه؛ لأن الله عدل لا يظلم، فيعطون ما أرادوه.

قوله: (أولئك) . المشار إليه الذين يريدون الحياة الدنيا وزينتها.

قوله: {لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ} . فيه حصر، وطريقة النفي والإثبات، وهذا يعني أنهم لن يدخلوا الجنة؛ لأن الذي ليس له إلا النار محروم من الجنة والعياذ بالله.

قوله: {وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا} . الحبوط: الزوال؛ أي: زال عنهم ما صنعوا في الدنيا.

قوله: {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . (باطل) : خبر مقدم لأجل مراعاة الفواصل في الآيات والمبتدأ " ما " في قوله: {مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، فأثبت الله أنه ليس لهؤلاء إلا النار، وأن ما صنعوا في الدنيا قد حبط، وأن أعمالهم باطلة.

وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} مخصوصة بقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: ١٨] .

فإن قيل: لماذا لا نجعل آية هود حاكمة على آية الإسراء، ويكون الله توعد من يريد العاجلة في الدنيا أن يجعل له ما يشاء لمن يريد؟ ثم وعد أن يعطيه ما يشاء؟

أجيب: إن هذا المعنى لا يستقيم لأمرين:

أولا: أن القاعدة الشرعية في النصوص أن الأخص مقدم على الأعم، وآية هود عامة؛ لأن كل من أراد الحياة الدنيا وزينتها وفي إليه العمل، وأعطي ما

<<  <  ج: ص:  >  >>