للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤذيه عن نفسه.

وهذه الجمل الثلاث يحتمل خبرا منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن حال هذا الرجل، وأنه في تعاسة وانتكاس، وعدم خلاص من الأذى، ويحتمل أن يكون من باب الدعاء على من هذه حاله؛ لأنه لا يهتم إلا للدنيا، فدعا عليه أن يهلك، وأن لا يصيب من الدنيا شيئا، وأن لا يتمكن من إزالة ما يؤذيه، وقد يصل إلى الشرك عندما يصده ذلك عن طاعة الله حتى أصبح لا يرضى إلا للمال، ولا يسخط إلا له.

قوله: «طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله» . هذا عكس الأول؛ فهو لا يهتم للدنيا، وإنما يهتم للآخرة، فهو في استعداد دائم للجهاد في سبيل الله.

و" طوبى ". فُعلى من الطيب، وهي اسم تفضيل، فأطيب للمذكر، وطوبى للمؤنث، والمعني: أطيب حال تكون لهذا الرجل، وقيل: إن طوبى شجرة في الجنة، والأول أعم؛ كما قالوا في ويل: كلمة وعيد، وقيل: واد في جهنم، والأول أعم.

وقوله: " آخذ بعنان فرسه ". أي: ممسك بمقود فرسه الذي يقاتل عليه.

قوله: " في سبيل الله ". ضابطه أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا لا للحمية، أو الوطنية، أو ما أشبه ذلك، لكن إن قاتل وطنية، وقصد حماية وطنه لكونه بلدا إسلاميا يجب الذود عنه؛ فهو في سبيل الله، وكذلك من قاتل دفاعا عن نفسه، أو ماله، أو أهله، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من قُتل دون ذلك، فهو شهيد» ، فأما من قاتل للوطنية المحضة، فليس في سبيل الله؛ لأن هذا قتال عصبية يستوي فيه المؤمن والكافر، فإن الكافر يقاتل من أجل وطنه.

قوله: «أشعث رأسه، مغبرة قدماه» . أي: رأسه أشعث من الغبار في سبيل

<<  <  ج: ص:  >  >>