للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عباس: " «يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء،»

ــ

أحل الله لا ينقص درجة في الإثم عن تحليل ما حرم الله، وكثير من ذوي الغيرة من الناس تجدهم يميلون إلى تحريم ما أحل الله أكثر من تحليل الحرام، بعكس المتهاونين، وكلاهما خطأ، ومع ذلك، فإن تحليل الحرام فيما الأصل فيه الحل أهون من تحريم الحلال؛ لأن تحليل الحرام إذا لم يتبين تحريمه فهو مبني على الأصل، وهو الحل، ورحمة الله - سبحانه - سبقت غضبه، فلا يمكن أن نحرم إلا ما تبين تحريمه؛ ولأنه أضيق وأشد، والأصل أن تبقى الأمور على الحل والسعة حتى يتبين التحريم.

أما في العبادات فيشدد؛ لأن الأصل المنع والتحريم حتى يبينه الشرع كما قيل:

والأصل في الأشياء حل ... وامنع عبادة إلا بإذن الشارع

قوله: " أربابا ". جمع رب، وهو المتصرف المالك.

والتصرف نوعان: تصرف قدري، وتصرف شرعي. فمن أطاع العلماء في مخالفة أمر الله ورسوله، فقد اتخذهم أربابا من دون الله باعتبار التصرف الشرعي؛ لأنه اعتبرهم مشرعين، واعتبر تشريعهم شرعا يعمل به، وبالعكس الأمراء.

قول ابن عباس: " حجارة من السماء ". أي: من فوق تنزل عليكم عقوبة لكم، ونزول الحجارة من السماء ليس بالأمر المستحيل، بل هو ممكن، قال تعالى في أصحاب الفيل: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: ٣ - ٤] ،

<<  <  ج: ص:  >  >>