فيعلمون أذكر هو أم أنثى، وإنهم يتوقعون نزول المطر في المستقبل، فينزل كما توقعوا.
قلنا: الجواب عن الأول أنهم لا يعلمون أنه ذكر أم أنثى إلا بعد أن يخلق، فتبين ذكورته، أو أنوثته، وحينئذ لا يكون من الغيب المحض المطلق، بل هو غيب نسبي؛ ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث أنس، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قصة الملك الموكل بالرحم، أنه يقول عند تخليق الجنين: " يا رب، أذكر أم أنثى؟ يا رب، أشقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه.
وفي صحيح مسلم من حديث حذيفة بن أسيد، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الملك الموكل بالرحم قال:«يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك» . فقد علم الملك أن الجنين ذكر أو أنثى، وهو في بطن أمه، لكنه قبل أن يخلق لا يعلم الملك، ولا غيره أنه ذكر أو أنثى.
والجواب عن الثاني: أن هذه التوقعات إنما تكون بوسائل حسية، وهي الأرصاد الدقيقة التي يعلم بها تكيفات الجو، وتهيؤه لنزول المطر بوجه خفي، لا يدرك بمجرد الحس، وهذا التوقع بهذه الأرصاد ليس من علم الغيب الذي يختص به الله - عز وجل- فهو كتوقعنا أن ينزل المطر حين يتكاثف السحاب، ويتراكم، ويدنو من الأرض، ويحصل فيه رعد وبرق.
والآية الثالثة قوله في سورة الأحزاب:{يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} .