أن يكون بينهما قدر مشترك يشتبهان فيه، ويتميز كل واحد بما يختص به، فـ:" الحياة " مثلا وصف ثابت في الخالق والمخلوق، فبينهما قدر مشترك، ولكن حياة الخالق تليق به، وحياة المخلوق تليق به.
الثالث: أن الناس اختلفوا في مسمى التشبيه، حتى جعل بعضهم إثبات الصفات التي أثبتها الله لنفسه تشبيها، فإذا قيل من غير تشبيه؛ فَهمَ هذا البعض من هذا القول نفي الصفات التي أثبتها الله لنفسه.
وأما التكييف؛ فلا يجوز أن نكيف صفات الله، فمن كيف صفة من الصفات، فهو كاذب عاص: كاذب؛ لأنه قال بما لا علم عنده فيه، عاص؛ لأنه واقع فيما نهى الله عنه، وحرَّمه في قوله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦] ، وقوله تعالى:{وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ، بعد قوله:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[الأعراف: ٣٣] الآية؛ ولأنه لا يمكن إدراك الكيفية، لقوله تعالى:{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه: ١١٠] ، وقوله:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}[الأنعام: ١٠٣] .
وسواء كان التكييف باللسان تعبيرا، أو بالجنان تقديرا، أو بالبيان تحريرا، ولهذا قال مالك - رحمه الله - حين سئل عن كيفية الاستواء:" الكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة "، وليس معنى هذا أن لا نعتقد أن لها كيفية، بل لها كيفية، ولكنها ليست معلومة لنا؛ لأن ما ليس له كيفية ليس بموجود، فالاستواء، والنزول، واليد، والوجه، والعين لها كيفية، لكننا لا نعلمها؛ ففرق بين أن نثبت كيفية معينة، ولو تقديرا وبين أن نؤمن بأن لها كيفية غير معلومة، وهذا هو الواجب، فنقول: لها كيفية، لكن غير معلومة.