للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعوة ألا تباغت الناس بما لا يمكنهم إدراكه، بل تدعوهم رويدا رويدا، حتى تستقر عقولهم، وليس معنى " بما يعرفون "؛ أي: بما يعرفون من قبل؛ لأن الذي يعرفونه من قبل، يكون التحديث به من تحصيل الحاصل.

قوله: " أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟! ". الاستفهام للإنكار؛ أي: أتريدون إذا حدثتم الناس بما لا يعرفون أن يكذب الله ورسوله؛ لأنك إذا قلت: قال الله، وقال رسوله كذا وكذا، قالوا: هذا كذب إذا كانت عقولهم لا تبلغه، وهم لا يكذبون الله ورسوله، ولكن يكذبونك بحديث تنسبه إلى الله ورسوله؛ فيكونون مكذبين لله ورسوله، لا مباشرة ولكن بواسطة الناقل.

فإن قيل: هل ندع الحديث بما لا تبلغه عقول الناس، وإن كانوا محتاجين لذلك؟

أجيب: لا ندعه، ولكن نحدثهم بطريقة تبلغه عقولهم، وذلك بأن ننقلهم رويدا رويدا حتى يتقبلوا هذا الحديث، ويطمئنوا إليه، ولا ندع ما لا تبلغه عقولهم، ونقول: هذا شيء مستنكر لا نتكلم به.

ومثل ذلك العمل بالسنة التي لا يعتادها الناس ويستنكرونها؛ فإننا نعمل بها، ولكن بعد أن نخبرهم بها، حتى تقبلها نفوسهم، ويطمئنوا إليها.

ويستفاد من هذا الأثر أهمية الحكمة في الدعوة إلى الله - عز وجل - وأنه يجب على الداعية أن ينظر في عقول المدعوين، وينزل كل إنسان منزلته.

مناسبة هذا الأثر لباب الصفات:

مناسبته ظاهرة؛ لأن بعض الصفات لا تحتملها أفهام العامة، فيمكن إذا حدثتهم بها كان لذلك أثر سيئ عليهم؛ كحديث النزول إلى السماء الدنيا مع

<<  <  ج: ص:  >  >>