القرب فإنه سبحانه لم يخفها الإخفاء المطلق بترك ذكرها، ولم يبينها البيان المطلق بذكر متى قيامها، وإنما بين لهم علاماتها، وهي أشراطها، وأخفى عليهم علم قيامها، وهذا مقتضى حكمته ورحمته، فإنه - تعالى - لو أبانه للناس لحصل لهم من الشر والفساد، وتعطل المصالح ما لا يعلمه إلا الله؛ خصوصا من كانوا قريبين من النهاية، ولكن الرب جل وعلا أخفى ذلك، كما أخفى علم كل إنسان بنهاية حياته؛ لئلا يستحسر، ويدع العمل خصوصا عند قرب حلول أجله.
ومن تأمل ما أبانه الله - تعالى - لخلقه من أمور الغيب، وما أخفاه عليهم تبين له من حكمة الله، ورحمته ما يبهر عقله، ويعلم به أن لله الحكمة البالغة، والرحمة الواسعة فيما أبان، وما أخفى، {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
حرره الفقير إلى الله - تعالى - كاتبه محمد الصالح العثيمين في شهر رجب عام ١٤٠٥ هـ.