للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والروح على الراجح عند أهل السنة: ذات لطيفة تدخل الجسم وتحل فيه كما يحل الماء في الطين اليابس، ولهذا يقبضها الملك عند الموت وتكفن ويصعد بها ويراها الإنسان عند موته، فالصحيح أنها ذات وإن كان بعض الناس يقول: إنها صفة، ولكنه ليس كذلك، والحياة صحيح أنها صفة لكن الروح ذات، إذا نقول لهؤلاء النصارى: إن الله أضاف روح عيسى إليه كما أضاف البيت والمساجد والناقة وما أشبه ذلك على سبيل التشريف والتعظيم، ولا شك أن المضاف إلى الله يكتسب شرفا وعظمة، حتى إن بعض الشعراء يقول في معشوقته:

لا تدعني إلا بيا عبدها ... فإنه أشرف أسمائي

قوله: (فما أصبحت أخبرت بها من أخبرت) المقصود بهذه العبارة الإبهام؛ كقوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: ٧٨] ، والإبهام قد يكون للتعظيم كما في الآية المذكورة، وقد يكون للتحقير حسب السياق، وقد يراد به معنى آخر.

قوله: (هل أخبرت بها أحدا؟) . سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا السؤال؛ لأنه لو قال: لم أخبر أحدا، فالمتوقع أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيقول له: لا تخبر أحدا، هذا هو الظاهر، ثم بين له الحكم عليه الصلاة والسلام، لكن لما قال: إنه أخبر بها، صار لا بد من بيانها للناس عموما؛ لأن الشيء إذا انتشر يجب أن يعلن عنه، بخلاف إذا كان خاصا، فهذا يخبر به من وصله الخبر.

قوله: (فحمد الله) . الحمد: وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم.

قوله: (وأثنى عليه) . أي: كرر ذلك الوصف.

قوله: (أما بعد) . سبق أنها بمعنى مهما يكن من شيء بعد، أي: بعدما

<<  <  ج: ص:  >  >>