قوله:(وفي الصحيح عن أبي هريرة. . .) إلى آخره. هذا الحديث يسمى الحديث القدسي أو الإلهي أو الرباني، وهو كل ما يرويه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ربه عز وجل، وسبق الكلام عليه في باب فضل التوحيد وما يكفر الذنوب.
قوله:(قال الله تعالى) . تعالى من العلو، وجاءت بهذه الصيغة للدلالة على ترفعه جل وعلا، عن كل نقص وسفل؛ لأنها تحمل معنى الترفع والتنزه عما يقوله المعتدون علوا كبيرا. قوله:(يؤذيني ابن آدم) . أي: يلحق بي الأذى، فالأذية لله ثابتة ويجب علينا إثباتها؛ لأن الله أثبتها لنفسه، فلسنا أعلم من الله بالله، ولكنها ليست كأذية المخلوق؛ بدليل قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١] وقدم النفي في هذه الآية على الإثبات، لأجل أن يرد الإثبات على قلب خال من توهم المماثلة، ويكون الإثبات حينئذ على الوجه اللائق به تعالى، وأنه لا يماثل في صفاته كما لا يماثل في ذاته، وكل ما وصف الله به نفسه؛ فليس فيه احتمال للتمثيل؛ إذ لو كان احتمال التمثيل جائزا في كلامه سبحانه وكلام رسوله فيما وصف به نفسه، لكان احتمال الكفر جائزا في كلامه سبحانه وكلام رسوله.
قوله:(ابن آدم) . شامل للذكور والإناث، وآدم هو أبو البشر، خلقه الله تعالى من طين وسواه ونفخ فيه من روحه وأسجد له الملائكة وعلمه الأسماء كلها.
واعلم أنه من المؤسف أنه يوجد فكرة مضلة كافرة، وهي أن الآدميين نشئوا من قرد لا من طين، ثم تطور الأمر بهم حتى صاروا على هذا الوصف،