للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} ، وقال- عز وجل-: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الدالة على أن فعله واقع بمشيئته، وكذلك أفعال الخلق واقعة بمشيئته، كما قال- تعالى -: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} ، وهذا نص صريح في أن أفعال العبيد قد شاءها الله - عز وجل - ولو شاء الله أن لا يفعلوا لم يفعلوا.

المرتبة الرابعة: الإيمان بأن الله - تعالى- خالق كل شيء فالله - عز وجل - هو الخالق، وما سواه مخلوق، فكل شيء فالله خالقه، فالمخلوقات مخلوقة لله- عز وجل - وما يصدر منها من أفعال وأقوال مخلوقة لله - عز وجل - أيضا؛ لأن أفعال الإنسان، وأقواله من صفاته، فإذا كان الإنسان مخلوقا كانت صفاته أيضا مخلوقة لله - عز وجل -، ويدل لذلك قوله - تعالى -: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} .

فنص الله - تعالى - على خلق الإنسان وعلى خلق عمله قال {وَمَا تَعْمَلُونَ} ، وقد اختلف الناس في (ما) هنا هل هي مصدرية، أو موصولة؟ وعلى كل تقدير فإنها تدل على أن عمل الإنسان مخلوق لله - عز وجل- هذه أربع مراتب لا يتم الإيمان بالقدر إلا بالإيمان بها.

ثم اعلم أن الإيمان بالقدر لا ينافي فعل الأسباب، بل إن فعل الأسباب مما أمر به الشرع، وهو حاصل بالقدر؛ لأن الأسباب تنتج عنها

<<  <  ج: ص:  >  >>