الرابعة: الفرق بين العفو الذي يحبه الله وبين الغلظة على أعداء الله.
ــ
وحفظ شريعته. وعوف بن مالك نقل كلام هذا الرجل لأجل أن يقام عليه الحد أو ما يجب أن يقام عليه وليس قصده مجرد النميمة.
ومن ذلك لو أن رجلا اعتمد على شخص ووثق به، وهذا الشخص يكشف سره ويستهزئ به في المجالس، فإنك إذا أخبرت هذا الرجل بذلك، فليس هذا من النميمة، بل من النصيحة.
الرابعة: الفرق بين العفو الذي يحبه الله وبين الغلظة على أعداء الله.
العفو الذي يحبه الله: هو الذي فيه إصلاح؛ لأن الله اشترط ذلك في العفو فقال:{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[الشورى: ٤٠] أي: كان عفوه مشتملا على الإصلاح، وقال بعضهم: أي أصلح الود بينه وبين من أساء إليه، وهذا تفسير قاصر والصواب أن المراد به أصلح من عفوه، أي: كان في عفوه إصلاح.
فمن كان عفوه إفسادا لا إصلاحا، فإنه آثم بهذا العفو، ووجه ذلك من الآية ظاهر؛ لأن الله قال:{عَفَا وَأَصْلَحَ} ، ولأن العفو إحسان والفساد إساءة، ودفع الإساءة أولى، بل العفو حينئذ محرم.
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غلظ على هذا الرجل لكونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يلتفت إليه، ولا يزيد على هذا الكلام الذي أمره الله به مع أن الحجارة تنكب رجل الرجل، ولم يرحمه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يرق له، ولكل مقام مقال، فينبغي أن يكون الإنسان شديدا في موضع الشدة، لينا في موضع اللين، لكن أعداء الله عز وجل الأصل في معاملتهم الشدة، قال تعالى في وصف الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه