للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«قال: " ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، وقال: رجل مسكين وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ به في سفري. فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا، فأعطاك الله عز وجل المال؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر. فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت» .

ــ

قوله: «فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك» . (لا) نافية للجنس، والبلاغ بمعنى الوصول، ومنه تبليغ الرسالة، أي: إيصالها إلى المرسل إليه، والمعنى: لا شيء يوصلني إلى أهلي إلا بالله ثم بك، فالمسألة فيها ضرورة.

قوله: «أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن» .

السؤال هنا ليس سؤال استخبار بل سؤال استجداء؛ لأن (سأل) تأتي بمعنى استجدى وبمعنى استخبر، تقول: سألته عن فلان، أي: استخبرته وسألته مالا، أي: استجديته واستعطيته، وإنما قال: «أسألك بالذي أعطاك» ، ولم يقل: أسألك بالله؛ لأجل أن يذكره بنعمة الله عليه، ففيه إغراء له على الإعانة لهذا المسكين؛ لأنه جمع بين أمرين: كونه مسكينا، وكونه ابن سبيل، ففيه سببان يقتضيان الإعطاء.

قوله: (بعيرا) . يدل على أن الأبرص أعطي الإبل، وتعبير إسحاق (الإبل أو البقر) من باب ورعه.

قوله: «أتبلغ به في سفري» . أي: ليس أطيب الإبل وإنما يوصلني إلى أهلي فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>