للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله يريد الخير والشر كونا أو شرعا؟

أجيب: إن الخير إذا وقع، فهو مراد لله كونا وشرعا، وإذا لم يقع، فهو مراد لله شرعا فقط، وأما الشر فإذا وقع، فهو مراد لله كونا لا شرعا وإذا لم يقع، فهو غير مراد كونا ولا شرعا، واعلم أن الشر لا ينسب إلى فعل الله - سبحانه - ولكن إلى مخلوقات الله، فكل فعل الله تعالى خير؛ لأنه صادر عن حكمة ورحمة، ولهذا قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «والخير كله في يديك، والشر ليس إليك» وأما مخلوقات الله، ففيها خير وشر.

وإثبات صفة الرضا لله - سبحانه - لا يقتضي انتفاء صفة الحكمة، بخلاف رضا المخلوق، فقد تنتفي معه الحكمة، فإن الإنسان إذا رضي عن شخص مثلا فإن عاطفته قد تحمله على أن يرضى عنه في كل شيء ولا يضبط نفسه في معاملته لشدة رضاه عنه، قال الشاعر:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا

لكن رضا الله مقرون بالحكمة، كما أن غضب الخالق ليس كغضب المخلوق، فلا تنتفي الحكمة مع غضب الخالق، بخلاف غضب المخلوق، فقد يخرجه عن الحكمة فيتصرف بما لا يليق لشدة غضبه.

ومن فسر الرضا بالثواب أو إرادته، فتفسيره مردود عليه، فإنه إذا قيل: إن معنى " رضي "، أي: أراد أن يثيب، فمقتضاه أنه لا يرضى، ولو قالوا: لا يرضى لكفروا، لأنهم نفوها نفي جحود، لكن أولوها تأويلا يستلزم جواز نفي الرضا؛ لأن المجاز معناه نفي الحقيقة، وهذا أمر خطير جدا.

ولهذا بين شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم: أنه لا مجاز في القرآن ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>