" ذروا ": اتركوا، " الذين ": مفعول به، وجملة يلحدون صلة الموصول.
ثم توعدهم بقوله:{سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، وهو الإلحاد، أي: سيجزون جزاءه المطابق للعمل تماما، ولهذا يعبر الله تعالى بالعمل عن الجزاء إشارة للعدل، وأنه لا يجزى الإنسان إلا بقدر عمله.
والمعنى ذروهم، أي: لا تسلكوا مسلكهم ولا طريقهم: فإنهم على ضلال وعدوان، وليس المعنى عدم مناصحتهم وبيان الحق لهم، إذ لا يترك الظالم على ظلمه، ويحتمل أن المراد بقوله:" ذروا " تهديدا للملحدين.
والإلحاد: مأخوذ من اللحد، وهو الميل، لحد وألحد بمعنى مال، ومنه سمي الحفر بالقبر لحدا؛ لأنه مائل إلى جهة القبلة.
والإلحاد في أسماء الله: الميل بها عما يجب فيها، وهو أنواع:
الأول: أن ينكر شيئا من الأسماء أو مما دلت عليه من الصفات أو الأحكام، ووجه كونه إلحادا أنه مال بها عما يجب لها، إذ الواجب إثباتها وإثبات ما تتضمنه من الصفات والأحكام.
الثاني: أن يثبت لله أسماء لم يُسَمِّ الله بها نفسه، كقول الفلاسفة في الله: إنه علة فاعلة في هذا الكون تفعل وهذا الكون معلول لها، وليس هناك إله وبعضهم يسميه العقل الفعال، فالذي يدير هذا الكون هو العقل الفعال، وكذلك النصارى يسمون الله أبا وهذا إلحاد.
الثالث: أن يجعلها دالة على التشبيه فيقول: الله سميع بصير قدير، والإنسان سميع بصير قدير، اتفقت هذه الأسماء، فيلزم أن تتفق المسميات، ويكون الله - سبحانه وتعالى - مماثلا للخلق، فيتدرج بتوافق الأسماء إلى