الثالث: أنه يشعر بأن الطالب مستغن عن الله، كأنه يقول: إن شئت فأفعل، وإن شئت فلا تفعل فأنا لا يهمني، ولهذا قال:«وليعظم الرغبة» أي يسأل برغبة عظيمة، والتعليق ينافي ذلك؛ لأن المعلق للشيء المطلوب يشعر تعليقه بأنه مستغن عنه، والإنسان ينبغي أن يدعو الله تعالى وهو يشعر أنه مفتقر إليه غاية الافتقار، وأن الله قادر على أن يعطيه ما سأل، وأن الله ليس يعظم عليه شيء، بل هو هين عليه، إذًا من آداب الدعاء أن لا يدعو بهذه الصيغة، بل يجزم فيقول: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم وفقني، وما أشبه ذلك، وهل يجزم بالإجابة؟
الجواب: إذا كان الأمر عائدا إلى قدرة الله فهذا يجب أن تجزم بأن الله قادر على ذلك، قال الله تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: من الآية٦٠] .
أما من حيث دعائك أنت باعتبار ما عندك من الموانع، أو عدم توافر الأسباب فإنك قد تتردد في الإجابة، ومع ذلك ينبغي أن تحسن الظن بالله؛ لأن الله - عز وجل - قال:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فالذي وفقك لدعائه أولا سيمُنُّ عليك بالإجابة آخرا، لا سيما إذا أتى الإنسان بأسباب الإجابة وتجنب الموانع، ومن الموانع الاعتداء في الدعاء، كأن يدعو بإثم أو قطيعة رحم.
ومنها أن يدعو بما لا يمكن شرعا وقدرا.
فشرعا كأن يقول: اللهم اجعلني نبيا.
وقدرًا بأن يدعو الله تعالى بأن يجمع بين النقيضين، وهذا أمر لا يمكن، فالاعتداء بالدعاء مانع من إجابته، وهو محرم لقوله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[الأعراف: ٥٥] وهو أشبه ما يكون