والمعنى يقتضيه؛ لأنك إذا أعززت نفسك ولم تذلها لسؤال الناس بقيت محترما عند الناس، وصار لك منعة من أن تذل وجهك لأحد؛ لأن من أذل وجهه لأحد، فإنه ربما يحتاجه ذلك الأحد لأمر يكره أن يعطيه إياه، ولكنه سأله اضطر إلى أن يجيبه، ولهذا روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«ازهد فيما عند الناس يحبك الناس»(١) ، فالسؤال أصلا مكروه أو محرم إلا لحاجة أو ضرورة.
فسؤال المال محرم، فلا يجوز أن يسأل من أحد مالا إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك، وقال الفقهاء -رحمهم الله - في باب الزكاة:" إن من أبيح له أخذ شيء أبيح له سؤاله "، ولكن فيما قالوه نظر، فإن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حذر من السؤال، وقال:«إن الإنسان لا يزال يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وما في وجهه مزعة لحم» ، وهذا يدل على التحريم إلا للضرورة.
وأما سؤال المعونة بالجاه أو المعونة بالبدن، فهذه مكروهة، إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
وأما إجابة السائل، فهو موضوع بابنا هذا، ولا يخلو السائل من أحد الأمرين:
الأول: أن يسأل سؤالا مجردا، كأن يقول مثلا: يا فلان! أعطني كذا وكذا، فإن كان مما أباحه الشارع له فإنك تعطيه، كالفقير يسأل شيئا من الزكاة.
الثاني: أن يسأل بالله، فهذا تجيبه وإن لم يكن مستحقا؛ لأنه سأل