للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلاحظ أن التعبير بنفي المماثلة أولى من التعبير بنفي المشابهة؛ لأنه اللفظ الذي جاء به القرآن، ولأنه ما من شيئين موجودين إلا ويتشابهان من وجه ويفترقان من وجه آخر، فنفي مطلق المشابهة لا يصح، وقد تقدم.

وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن لله خلق آدم على صورته» ، ووجه الله لا يماثل أوجه المخلوقين، فيجاب عنه:

بأنه لا يراد به صورة تماثل صورة الرب - عز وجل - بإجماع المسلمين والعقلاء؛ لأن الله - عز وجل - وسع كرسيه السماوات والأرض، والسماوات والأرضون كلها بالنسبة للكرسي - موضع القدمين - كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة، فما ظنك برب العالمين؟ فلا أحد يحيط به وصفا ولا تخيلا، من هذا وصفه لا يمكن أن يكون على صورة آدم ستون ذراعا، وإنما يراد به أحد معنيين:

الأول: أن الله خلق آدم على صورة اختارها وجعلها أحسن صورة في الوجه، وعلى هذا، فلا ينبغي أن يقبح أو يضرب لأنه لما أضافه إلى نفسه اقتضى من الإكرام ما لا ينبغي معه أن يقبح أو أن يضرب.

الثاني: أن الله خلق آدم على صورة الله - عز وجل - ولا يلزم من ذلك المماثلة بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أضوأ كوكب في السماء» ، ولا يلزم أن يكون على

<<  <  ج: ص:  >  >>