كذلك الإنسان إذا سمع هذه الجملة:" خير وأحب " صار في نفسه انتقاص للمؤمن المفضل عليه، فإذا قيل:" وفي كل خير " رفع من شانه، ونظيره قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}[الحديد: ١٠] .
قوله:«احرص على ما ينفعك» . الحرص: بذلُك الجهد لنيل ما ينفع من أمر الدين أو الدنيا.
وأفعال العباد بحسب السَّبر والتقسيم لا تخلو من أربع حالات:
١. نافعة، وهذه مأمور بها.
٢. ضارة وهذه محذر منها.
٣. فيها نفع وضرر.
٤. لا نفع فيها ولا ضرر، وهذه لا يتعلق بها أمر ولا نهي، لكن الغالب أن لا تقع إلا وسيلة إلى ما فيه أمر أو نهي، فتأخذ حكم الغاية؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
فالأمر لا يخلو من نفع أو ضرر، إما لذاته أو لغيره، فحديثنا العام قد لا يكون فيه نفع ولا ضرر، لكن قد يتكلم الإنسان ويتحدث لأجل إدخال السرور على غيره فيكون نفعا، ولا يمكن أن تجد شيئا من الأمور والحوادث ليس فيه نفع ولا ضرر، إما ذاتي، أو عارض إنما ذكرناه لأجل تمام السبر والتقسيم.
والعاقل يشح بوقته أن يصرفه فيما لا نفع فيه ولا ضرر، قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خير أو ليصمت» .