للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: العابد والمعبود، {وَالْمَطْلُوبُ} ، أي: الذباب.

ويستفاد من هذا الحديث، وهو ما ساقه المؤلف من أجله: تحريم التصوير؛ لأن المصور ذهب يخلق كخلق الله ليكون مضاهيا لله في صنعه، والتصوير له أحوال:

الحال الأولى: أن يصور الإنسان ما له ظل كما يقولون، أي: ما له جسم على هيكل إنسان أو بعير أو أسد أو ما أشبهها، فهذا أجمع العلماء فيما أعلم على تحريمه، فإن قلت: إذا صور الإنسان لا مضاهاة لخلق الله، ولكن صور عبثا، يعني: صنع من الطين أو من الخشب أو من الأحجار شيئا على صورة حيوان وليس قصده أن يضاهي خلق الله، بل قصده العبث أو وضعه لصبي ليهدئه به، فهل يدخل في هذا الحديث؟

فالجواب: نعم، يدخل في هذا الحديث؛ لأنه خلق كخلق الله، ولأن المضاهاة لا يشترط فيه القصد، وهذا هو سر المسألة، فمتى حصلت المضاهاة ثبت حكمها، ولهذا لو أن إنسانا لبس لبسا يختص بالكفار ثم قال: أنا لا أقصد التشبه بهم، نقول: التشبه منك حاصل أردته أم لم ترده، وكذلك لو أن أحدا تشبه بامرأة في لباسها أو في شعرها أو ما أشبه ذلك وقال: ما أردت التشبه، قلنا له: قد حصل التشبه، سواء أردته أم لم ترده.

الحال الثاني: أن يصور صورة ليس لها جسم بل بالتلوين والتخطيط، فهذا محرم لعموم الحديث، ويدل عليه حديث النٌّمرقُة حين أقبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بيته، فلما أراد أن يدخل رأى نمرقة فيها تصاوير، فوقف وتأثر، وعرفت الكراهة في وجهه، فقالت عائشة رضي الله عنها: «ما أذنبت يا رسول الله؟ فقال: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما»

<<  <  ج: ص:  >  >>