للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بالعهد هنا: ما يكون بين المتعاقدين في العهود كما كان بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل مكة في صلح الحديبية.

قوله تعالى: {وَأَوْفُوا} . أمر من الرباعي من أوفى يوفي، والإيفاء إعطاء الشي تاما، ومنه إيفاء المكيال والميزان.

قوله: {بِعَهْدِ اللَّهِ} . يصلح أن يكون من باب إضافة المصدر إلى فاعله أو إلى مفعوله، أي: بعهدكم الله، أو بعهد الله إياكم؛ لأن الفعل إذا كان على وزن فاعل اقتضى المشاركة من الجانبين غالبا، مثل: قاتل ودافع. قوله: {إِذَا عَاهَدْتُمْ} . فائدتها التوكيد والتنبيه على وجوب الوفاء، أي: إذا صدر منكم العهد، فإنه لا يليق منكم أن تدعوا الوفاء، ثم أكد ذلك بقوله: {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ} . نقض الشي هو حل إحكامه، وشبه العهد بالعقدة؛ لأنه عقد بين المتعاهدين.

قوله: {بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} . توكيد الشيء بمعنى تثبيته، والتوكيد مصدر وكّد، يقال: وكّد الأمر وأكده تأكيدا وتوكيدا، والواو أفصح من الهمزة.

قوله: {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} . الجملة حالية فائدتها قوة التوبيخ على نقض العهد واليمين.

ووجه جعل الله له كفيلا: أن الإنسان إذا عاهد غيره قال: أعاهدك بالله، أي جعل الله كفيلا.

قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} ختم الله الآية بالعلم تهديدا عن نقض العهد؛ لأن الإنسان إذا علم بأن الله يعلم كل ما يفعل؛ فإنه لا ينقض العهد.

ومناسبة الآية للترجمة واضحة جدا؛ لأن الله قال: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ} ، وقال: {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} . والعهد: الذمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>