للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإيمان عند أهل السنة تدخل فيه الأعمال، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» ، فإن أجابوا للإسلام، فهذا ما يريده المسلمون، فلا يحل لنا أن نقاتلهم، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فاقبل منهم) .

قوله: (ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين) . هذه الجملة تشير إلى أن الذين قوتلوا أهل بادية، فإذا أسلموا طلب منهم أن يتحولوا إلى ديار المهاجرين ليتعلموا دين الله؛ لأن الإنسان في باديته بعيد عن العلم، كما قال تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: ٩٧] ، وهذا أصل في توطين البوادي.

وقوله: (إلى دار المهاجرين) ، يحتمل أن المراد بها العين، أي: المدينة النبوية، ويحتمل أن المراد بها الجنس؛ أي: الدار التي تصلح أن يهاجر إليها لكونها بلد إسلام، سواء كانت المدينة أو غيرها.

ويقوي الاحتمال الثاني - وهو أن المراد بها الجنس -: أنه لو كان المراد المدينة؛ لكان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعبر عنها باسمها ولا يأتي بالوصف العام، ويقوي الاحتمال الأول: أن دار المهاجرين هي المدينة، والظاهر الاحتمال الثاني.

قوله: (فإن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين) . وهذا تمام العدل، ولا يقال: إن الحق لصاحب البلد الأصلي، فلهم ما للمهاجرين من

<<  <  ج: ص:  >  >>