للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الأربعة التي نفاها الرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تدل على وجوب التوكل على الله، وصدق العزيمة، وألا يضعف المسلم أمام هذه الأمور.

وإذا ألقى المسلم باله لهذه الأمور فلا يخلو من حالين:

الأولى: إما أن يستجيب لها بأن يقدم أو يحجم، فيكون حينئذ قد علق أفعاله بما لا حقيقة له.

الثانية: أن لا يستجيب لها بأن يقدم ولا يبالي، لكن يبقى في نفسه نوع من الهم أو الغم، وهذا وإن كان أهون من الأول لكن يجب أن لا يستجيب لداعي هذه الأمور مطلقًا، وأن يكون معتمدًا على الله عز وجل. وبعض الناس قد يفتح المصحف لطلب التفاؤل فإذا نظر ذكر النار قال: هذا فأل غير جميل، وإذا نظر ذكر الجنة قال: هذا فأل طيب، وهذا في الحقيقة مثل عمل الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام.

والنفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفيًا للوجود، لأنها موجودة ولكنه نفي للتأثير، فالمؤثر هو الله، فما كان منها سببًا معلومًا فهو سبب صحيح وما كان منها سببًا موهومًا فهو سبب باطل، ويكون نفيًا لتأثيره بنفسه ولسببيته، فالعدوى موجودة، ويدل لوجودها قوله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«لا يورد ممرض على مصح» أي لا يورد صاحب الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة، لئلا تنتقل العدوى.

وقوله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فر من المجذوم فرارك من الأسد» .

"الجذام": مرض خبيث معد بسرعة ويتلف صاحبه، حتى قيل: إنه الطاعون، فالأمر بالفرار لكي لا تقع العدوى، وفيه إثبات العدوى

<<  <  ج: ص:  >  >>