رواية:" أن الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه ". وهذا الحديث وإن كان ضعيفاً من حيث السند وأكثر أهل العلم لا يثبتونه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل قال النووي: اتفق المحدِّثون على تضعيفه، لكنه في الحقيقة صحيح من حيث المعنى، لتأيده بالأحاديث الدالة على إزالة النجاسة بالغسل، فإنها تدل على أنه إذا زال أثر النجاسة بالغسل، فإنها تدل على أنه إذا زال أثر النجاسة طهر ما أصابته، ولأن أهل العلم مجمعون على أن الماء إذا أصابته النجاسة فغّيرت ريحه أو طعمه أو لونه صار نجساً، وإن لم تغيره فهو باق على طهوريته، إلا إذا كان دون القلتين، فإن بعضهم يرى أن ينجس وإن لم يتغير والصحيح أنه لا ينجس إلا بالتغير، لأن النظر والقياس يقتضي ذلك، فإنه إذا تغير بالنجاسة فقد أثرت فيه خبثاً، فإذا لم يتغير بها فكيف يجعل له حكمها؟
إذا تبين ذلك وأن مدار نجاسة الماء على تغيره، فإنه إذا زال تغيره بأي وسيلة عاد حكم الطهورية إليه، لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، وقد نصّ الفقهاء - رحمهم الله - على أن الماء الكثير وهو الذي يبلغ القُلّتين عندهم إذا زال تغيره ولو بنفسه بدون محاولة فإنه يطهر.
وفي حال تكرير الماء التكرير الأولي والثانوي، الذي لا يزيل أثر النجاسة لا يجوز استعماله في طهارة الإنسان وشربه، لأن أثر النجاسة فيه باقٍ، إلا إذا قدر أن هذا الأثر الباقي لا يتغير به ريح الماء ولا طعمه ولا لونه، لا تغيراً قليلاً ولا كثيراً، فحينئذٍ يعود إلى طهوريته، ويستعمل في طهارة الإنسان وشربه، كالمكرر تكريراً متقدماً.
وأما استعماله أعني الذي بقي فيه أثر النجاسة في ريحه أو طعمه أو لونه، إذا استعمل في سقي الحدائق والمزارع والمنتزهات الشعبية، فالمشهور عند الحنابلة أنه يحرم ثمر وزرع سقي بنجس أو سمّد به