جاء بلفظ المسح، والمسح لا يتحقق إلا بوجوده فعلاً،"يمسح المقيم يوماً وليلة ويمسح المسافر ثلاثة أيام " فلا بد من تحقق المسح، وهذا لا يكون إلا بابتداء المسح في أول مرة، فإذا تمت أربع وعشرون ساعة من ابتداء المسح في أول مرة، فإذا تمت أربع وعشرون ساعة من ابتداء المسح، انتهى وقت المسح بالنسبة للمقيم، وإذا تمت اثنتان وسبعون ساعة انتهى المسح بالنسبة للمسافر، ونضرب لذلك مثلاً يتبين به الأمر:
رجل تطهر لصلاة الفجر، ثم لبي الخفين ثم بقي على طهارته حتى صلى الظهر وهو على طهارته، وصلى العصر وهو على طهارته، وبعد صلاة العصر في الساعة الخامسة تطهر لصلاة المغرب ثم مسح، فهذا الرجل له أن يمسح إلى الساعة الخامسة من اليوم الثاني، فإذا قدّر أنه مسح في اليوم الثاني في الساعة الخامسة إلا ربعاً، وبقي على طهارته حتى صلّى المغرب وصلى العشاء، فإنه حينئذٍ يكون صلى في هذه المدة صلاة الظهر أول يوم العصر والمغرب والعشاء، والفجر في اليوم الثاني والظهر والعصر والمغرب والعشاء، فهذه تسع صلوات صلاّها، وبهذا علمنا أنه لا عبرة بعدد الصلوات كما مفهوم عند كثير من العامة، حيث يقولون: إن المسح خمسة فروض هذا لا أصل له، وإنما الشرع وقَّته بيوم وليلة تبتديء هذه من أول مرة مسح. وفي هذا المثال الذي ذكرنا عرفت كم صلى من صلاة، وبهذا المثال الذي ذكرناه تبين أنه إذا تمت مدة المسح، فإنه لا يمسح بعد هذه المدة ولو مسح بعد تمام المدة، فمسحه باطل، لا يرتفع به الحدث. لكن لو مسح قبل أن تتم المدة ثم استمر على طهارته بعد تمام المدة، فإن وضوءه لا ينتقض، بل يبقى على طهارته حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء، وذلك لأن القول بأن الوضوء ينتقض بتمام المدة، قول لا دليل له، فإن َّ تمام المدة معناه أنه لا مسح بعد تمامها