للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما نجاسة دم الجرح: ففي الصحيحين من حديث سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ في قصة جرح وجه النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد قال: فكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسل الدم، وكان علي بن أبي طالب يسكب عليها بالمجن، هذا لفظ مسلم. وهذا وإن كان قد يدعى مدع أن غسله للتنظيف لا للتطهير الشرعي، أو أنه مجرد فعل والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، فإن جوابه أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش بغسل الدم قرينة على ان غسل الدم من وجه النبي صلى الله عليه وسلم كان تطهيرا شرعيا متقررا عندهم.

وأما ما ورد عن بعض الصحابة مما يدل ظاهره على أنه لا يجب غسل الدم والتطهير منه، فإنه على وجهين:

أحدهما: أن يكون يسيرا يعفى عنه مثل ما يروى عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه لا يرى بالقطرتين من الدم في الصلاة بأسا، وأنه يدخل أصابعه في أنفه فيخرج عليها الدم فيحته ثم يقوم فيصلي، ذكر ذلك عنه ابن أبي شيبة في مصنفه.

الثاني: أن يكون كثيرا لا يمكن التحرر منه، مثل ما رواه مالك في الموطأ عن المسور بن مخرمة، أن عمر بن الخطاب حين طعن، صلى وجرحه يثغب دما، فإن هذا لا يمكن التحرز منه إذا لو غسل لا ستمر يخرج، فلم يستفد شيئا، وكذلك ثوبه لو غيره بثوب آخر ـ إن كان له ثوب أخر ـ لتلوث الثوب الآخر فلم يستفد من تغييره شيئا، فإذا كان الوارد عن الصحابة لا يخرج عن هذين الوجهين، فإنه لا يمكن إثبات طهارة الدم بمثل ذلك، والذي يتبين من النصوص فيما نراه في طهارة الدم ونجاسته ما يلي:

أ-الدم السائل من حيوان مييته نجسة، فهذا نجس كما تدل عليه الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>