للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقام الثاني: وهو مدة الحيض أي مقدار زمنه.

فقد اختلف فيه العلماء اختلافاً كثيراً على نحو ستة أقوال أو سبعة. قال ابن المنذر: وقالت طائفة: (وليس لأقل الحيض ولا لأكثره حد بالأيام) . قلت: وهذا القول كقول الدارمي السابق وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الصواب لأنه يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار.

فالدليل الأول: قوله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) (١) . فجعل الله غاية المنع هي الطهر، ولم يجعل الغاية مضي يوم وليلة ولا ثلاثة أيام ولا خمسة عشر يوماً، فدل هذا على أن على الحكم هي الحيض وجوداً وعدماً، فمتى وجد الحيض ثبت الحكم ومتى طهرت منه زالت أحكامه.

الدليل الثاني: ما ثبت في صحيح مسلم (٢) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة وقد حاضة وهي محرمة بالعمرة: (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) قالت: فلما كان يوم النحر طهرت. (الحديث) . وفي صحيح البخاري (٣) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم) . فجعل النبي صلى الله عليه وسلم غاية المنع الطهر ولم يجعل الغاية زمناً معيناً، فدل هذا على أن الحكم يتعلق بالحيض وجوداً وعدماً.

الدليل الثالث: أن هذه التقديرات والتفصيلات التي ذكرها من ذكرها من الفقهاء في هذه المسألة ليست موجودة في كتاب الله تعالى ولا


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٢٢ ٠
(٢) صحيح مسلم ج ٤ ص ٣٠.
(٣) صحيح البخاري ٣: ٦١٠ باب أجرة العمرة على قدر النصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>