للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحت المشيئة فلا يعارض النصوص الدالة على كفره.

وأما لفظ رواية مالك: " ومن لم يأت بهن " فيحمل على أن المراد لم يأت بهن غير مضيع منهن شيئاً ويؤيد ذلك لفظ رواية ابن ماجه، وعلى هذا فتكون رواية مالك موافقة لرواية أحمد ٥/٣١٧.

والحاصل أن هذا الحديث لا يعارض النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة لصحتها وصراحتها، وعلى هذا تبقى أدلة الكفر قائمة سالمة من المعارض المقاوم، وحينئذ يجب العمل بمقتضاها، ويحكم بكفر من ترك الصلاة تركاً مطلقاً، سواء جحد وجوبها، أو أقر به ولكن تركها تهاوناً وكسلاً، ولا يصح أن تحمل هذه الأدلة على أن المراد بها كفر دون كفر، أو أن المراد من تركها جاحداً.

أما الأول: فلأننا لا يحل لنا أن نحمل أدلة الكفر على ذلك إلا حيث يقوم دليل صحيح على منع حملها على الكفر المطلق المخرج عن الملة، ولا دليل هنا. ولأنه قد قام الدليل على أن المراد به الكفر المطلق المخرج من الملة فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " (١) . فذكر الكفر معرفاً بال فدل ذلك أنه الكفر المطلق، ولأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل ذلك حداً فاصلاً بين الإيمان والكفر، والمتحادان لا يجتمعان لانفصال بعضهما عن بعض.

وأيضاً فإن الله تعالى قال: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) (٢) . فجعل ثبوت الاخوة في الدين مشروطاً


(١) تقدم تخريجه ص٤٢.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>