{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} ومن الكفار من يسب الله ومع ذلك تقبل توبتهم، وهذا هو الصحيح إلا أن ساب الرسول، عليه الصلاة والسلام، تقبل توبته ويجب قتله، بخلاف من سب الله فإنها تقبل توبته ولا يقتل؛ لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد، بأنه يغفر الذنوب جميعًا. أما ساب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه يتعلق به أمران:
أحدهما: أمر شرعي لكونه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا يقبل إذا تاب.
الثاني: أمر شخصي، وهذا لا تقبل التوبة فيه لكونه حق آدمي لم يعلم عفوه عنه، وعلى هذا فيقتل ولكن إذا قتل، غسلناه، وكفناه، وصلينا عليه، ودفناه مع المسلمين.
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقد ألف كتابًا في ذلك اسمه "الصارم المسلول في تحتم قتل ساب الرسول" وذلك لأنه استهان بحق الرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذا لو قذفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يقتل ولا يجلد.
فإن قيل: أليس قد ثبت أن من الناس من سب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في حياته وقبل النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، توبته؟
أجيب: بأن هذا صحيح، لكن هذا في حياته، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحق الذي له قد أسقطه، وأما بعد موته فإنه لا يملك أحد إسقاط حقه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيجب علينا تنفيذ ما يقتضيه سبه،