أو لم يصم رمضان عمداً حتى خرج وقته بدون عذر فمن أهل العلم من يقول: إنه يجب عليه القضاء، لأن الله تعالى أوجب على المسافر والمريض القضاء فإذا أوجب الله القضاء على المعذور فغيره من باب أولى، وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:" من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها "(١) . فأوجب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة على من نسيها حتى خرج وقتها، وأوجب على من نام عنها حتى خرج وقتها أن يقضيها، قالوا: فإذا وجب القضاء على المعذور فغير المعذور من باب أولى.
والقول الثاني في المسألة: أنه لا يجب القضاء على من ترك عبادة مؤقتة حتى خرج وقتها بدون عذر، وذلك لأن العبادة المؤقتة عبادة موصوفة أن تقع في ذلك الزمن المعين، فإذا أخرجت عنه بتقديم أو تأخير فإنها لا تقبل، فكما أن الرجل لو صلى قبل الوقت لم تقبل منه على أنها فريضة، ولو صام قبل رمضان لم يقبل منه على أنه فريضة، فكذلك إذا أخر الصلاة عن وقتها بدون عذر فإنها لا تقبل منه، وكذلك لو أخر صيام رمضان بدون عذر فإنه لا يقبل منه، وهذا القول هو الراجح وذلك لأن الإنسان إذا أخرج العبادة عن وقتها وعملها بعده فقد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "(٢) وإذا كان عمله مردوداً فإن تكليفه بقضائه تكليف بما لا فائدة منه، وعلى هذا السائل أن يتوب إلى الله توبة صادقة نصوحاً، ويكثر من الأعمال الصالحة، والتوبة تجب ما قبلها كما ثبت ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...