للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يتبين خطأ من حمل الأحاديث الواردة في كفر تارك الصلاة على تاركها جحوداً لوجوبها، لأن ذلك لا يصح طرداً ولا عكساً، فمن جحد وجوبها كفر وإن صلى، ومن جهة العكس لا يصح؛ لأن الحديث دل على كفر تاركها فإذا ألغينا هذا الوصف واعتبرنا وصفاً لم يعتبره الشرع بل ألغاه فلا يصح.

وقد أورد البعض على هذا حديث عبادة بن الصامت: " خمس صلوات فرضهن الله على عباده من أتى بهن فأتم ركوعهن وسجودهن ووضوءهن أدخله الله الجنة، ومن لم يأت بهن لم يكن له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " (١) وهذا الحديث لا يقابل الأحاديث الدالة على كفره في الصحة ومعلوم أنه عند التعارض يقدم الأقوى. وكذلك فلا يدل هذا الحديث على المراد؛ لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " فأتم ركوعهن وسجودهن ووضوءهن ". ومن لم يأت بهن على هذا الوصف أي وصف التمام فليس له عهد. فنفى الإتيان منصب على الإتيان على وجه التمام؛ لأنه المذكور في أول الحديث، أما من لم يأت بهن أبداً فالأدلة واضحة في كفره.

أما قول المرأة إنها ليس لها من يعولها فهذا من ضعف توكلها على الله، فإن الله تعالى يعول خلقه، وقد قال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب) (٢) . وقال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ


(١) تقدم تخريجه ص٧٢.
(٢) سورة الطلاق، الآيتان: ٢، ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>