للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفجر لا يكون إلا بعد دخول وقت صلاة الفجر، فالأذان قبل الفجر لا تثويب فيه وهو عمل الناس عندنا من قديم، وأما كلام فقهائنا رحمهم الله فظاهره أن التثويب في أذان الفجر سواء أذن بعذ الفجر أم قبله ولكن ما دلت عليه السنة أولى.

وأما استنباط بعض الناس كون التثويب في الأذان الذي قبل الفجر بقول المثوب " الصلاة خير من النوم " والخيرية ترغيب في الشيء ولا تقتضي الإلزام به، وهذا إنما يكون في النداء الذي قبل الفجر؛ لأن النداء بعد الفجر ملزم بصلاة الفجر. فليس هذا الاستنباط بشيء، وذلك لأن الخير في الواجب الملزم به أبلغ منه في المندوب إليه من غير إلزام؛ لأن الله تعالى يقول في الحديث القدسي: " ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه " (١) . وخيرية الشيء وردت في القرآن في الأمور الواجبة والمندوب إليها من غير إيجاب فقال تعالى في سورة الصف: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢) . فقد وردت الخيرية في أوجب الأمور وهي العقيدة وحمايتها، وقال تعالى في سورة الجمعة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٣) . والسعي إلى الجمعة وترك البيع بعد ندائها واجب، وقال تعالى: (إِنْ تُبْدُوا


(١) اخرجه البخاري: كتاب الرقاق / باب التواضع.
(٢) سورة الصف، الآيتان: ١٠، ١١.
(٣) سورة الجمعة، الآية: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>