للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب بقوله: إن الساعتين لا يخرج بهما وقت الظهر فإن وقت الظهر يمتد من زوال الشمس إلى دخول وقت العصر، وهذا زمن يزيد على الساعتين فبالإمكان أن تصلي صلاة الظهر إذا انتهت الحصة لأنه سيبقى معها زمن، هذا إذا لم يتيسر أن تصلي أثناء وقت الحصة فإن تيسر فهو أحوط، وإذا قدر أن الحصة لا تخرج إلا بدخول وقت العصر، وكان يلحقها ضرر أو مشقة في الخروج عن الدرس ففي هذه الحال يجوز لها أن تجمع بين الظهر والعصر فتؤخر الظهر إلى العصر لحديث بن عباس رضي الله عنهما قال: " جمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المدينة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر "، فقيل له في ذلك. فقال رضي الله عنه: " أراد - يعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لا يحرج أمته " (١) . فدل هذا الكلام من بن عباس رضي الله عنهما على أن ما فيه حرج ومشقة على الإنسان يحل له أن يجمع الصلاتين اللتين يجمع بعضهما إلى بعض في وقت أحدهما، وهذا داخل في تيسير الله عز وجل لهذه الأمة دينه وأساس هذا قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٢) ، وقوله تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) (٣) وقوله: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٤) . وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الدين يسر " (٥)

إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الدالة على يسر هذه الشريعة، ولكن هذه القاعدة العظيمة ليست تبعاً لهوى الإنسان


(١) تقدم تخريجه ص٣٤.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٨٥.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٦.
(٤) سورة الحج، الآية: ٧٨.
(٥) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان / باب الدين يسر..

<<  <  ج: ص:  >  >>