للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزدلفة نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئاً (١) .

وفي حديث جابر الذي رواه مسلم أنه صلى في المزدلفة المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين (٢) .

ففي هذين الحديثين أن النبي صلي الله عليه وسلم جمع في عرفة بين الظهر والعصر جمع تقديم، وجمع في مزدلفة بين المغرب والعشاء جمع تأخير. وإنما أفردنا ذكرهما لأن العلماء اختلفوا في علة الجمع فيهما: فقيل: السفر وفيه نظر، لان النبي صلي الله عليه وسلم لم يجمع في منى قبل عرفة ولا حين رجع منها.

وقيل: النسك، وفيه أيضاً إذ لو كان كذلك لجمع النبي صلي الله عليه وسلم من حين أحرم، وقيل: المصلحة والحاجة وهو الأقرب فجمع عرفة لمصلحة طول زمن الوقوف والدعاء،ولأن الناس يتفرقون في الموقف فإن اجتمعوا للصلاة شق عليهم، وإن صلوا متفرقين فاتت مصلحة كثرة الجمع. أما في مزدلفة فهم أحوج إلي الجمع، لأن الناس يدفعون من عرفة بعد الغروب فلو حبسوا لصلاة المغرب فيها لصلوها من غير خشوع ولو أوقفوا لصلاتها في الطريق لكان ذلك أشق فكانت الحاجة داعية إلي تأخير المغرب لتجمع مع العشاء هناك.

وهذا عين الصواب والمصلحة لجمعه بين المحافظة على


(١) أخرجه البخاري: كتاب الوضوء / باب الجمع بين الصلاتين بمزدلفة، ومسلم: كتاب الحج /باب الإفاضة من عرفات إلي المزدلفة.
(٢) تقدم تخريجه ص ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>