غاية ما هنالك أنه وصل إلى درجة يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله، وهذا السحر الذي وضع كان من يهودي يقال له: لبيد بن الأعصم وضعه له، ولكن الله - تعالى - أنجاه منه حتى جاءه الوحي بذلك وعوذ بالمعوذتين عليه الصلاة والسلام،ولا يؤثر هذا السحر على مقام النبوة؛ لأنه لم يؤثر في تصرف النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيما يتعلق بالوحي والعبادات.
وقد أنكر بعض الناس أن يكون النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سحر، بحجة أن هذا القول يستلزم تصديق الظالمين الذين قالوا:{إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} .
ولكن هذا لا شك أنه لا يستلزم موافقة هؤلاء الظالمين بما وصفوا به النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن أولئك يدعون أن الرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مسحور فيما يتكلم به من الوحي، وأن ما جاء به هذيان كهذيان المسحور، وأما السحر الذي وقع للرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يؤثر عليه في شيء من الوحي ولا في شيء من العبادات، ولا يجوز لنا أن نكذب الأخبار الصحيحة بمجرد فهم سيّء فهمه مَن فهمه.