للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلبس اللباس الكامل، لكن لو فرض أنه كان هناك خرق في ثوبه على ما يكون داخلاً ضمن العورة فإنه حينئذ يناقش فيه هل تصح صلاته أو لا تصح؟ إذ أنه يفرق بين اليسير والكثير، ويفرق بين ما كان على حذاء العورة المغلظة كالفرجين، وما كان متطرفاً، كالذي يكون في طرف الفخذ وما أشبه ذلك، أن يكون في الظهر من فوق الآليتين، أو في البطن من دون السرة وفوق السوأة، المهم أن كل مكان له حظه من تغليظ العورة.

ثم إن المرأة إذا كان حولها رجال غير محارم فإنه يجب عليها أن تستر وجهها ولو في الصلاة، لأن المرأة لا يجوز لها كشف وجهها عند غير محارمها.

ومن المناسب التنبيه على مسألة يفعلها بعض الناس في أيام الصيف: يلبس سراويل بصيرة، ثم يلبس فوقها ثوباً شفافاً يصف البشرة ويصلي، فهذا لا تصح صلاته، لأن السراويل القصيرة التي لا تستر ما بين السرة والركبة إذا لبس فوقها ثوباً خفيفاً يصف البشرة فإنه لم يكن ساتراً لعورته التي يجب عليه أن يسترها في الصلاة، ومعنا قولنا: ((يصف البشرة)) أي يبين من وراءه لون الجلد هل هو أحمر، أو أسود، أو بين ذلك.

ومن شروط الصلاة: الطهارة وهي نوعان: طهارة من الحدث، وطهارة من النجس. والحدث نوعان: حدث أكبر وهو ما يوجب الغسل، وحدث أصغر: وهو ما يوجب الوضوء.

ومن المهم هنا أن نبين أن الطهارة من الحدث شرط، وهو من باب الأوامر التي يطلب فعلها، لا التي يطلب اجتنابها والقاعدة المعروفة عند أهل العلم ((أن ترك المأمور لا يعذر فيه بالنسيان والجهل)) . وبناء على ذلك لو أن أحداً من الناس صلى بغير وضوء ناسياً فإنه يجب عليه أن يعيد صلاته بعد أن يتوضاً، لأنه أخل بشرط إيجابي مأمور بفعله، وصلاته بغير وضوء ناسياً ليس فهيا إثم لقوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (١) لكنها صلاة غير صحيحة فلا تبرأ بها الذمة، فيكون مطالباً بها، ولا فرق في هذا بين أن يكون الإنسان منفرداً، أو مأموماً، أو إماماً فكل من صلى بغير وضوء، أو بغير غسل من حدث أكبر ناسياً فإنه يجب عليه إعادة الصلاة بعد الطهارة متى ذكر، حتى وإن كان إماماً، إلا أنه إذا كان إماماً وذكر في أثناء الصلاة فإنه ينصرف ويأمر من خلفه أن يتموا الصلاة، فيقول لأحدهم: تقدم أتم الصلاة بهم، فإن لم يفعل أي لم يعين من يتم الصلاة بهم، قدموا واحداً منهم يتم بهم، فإن لم يفعلوا أتم كل واحد لنفسه، ولا يلزمهم أن يستأنفوا الصلاة من جديد، ولا أن يعيدوا الصلاة لو لم يعلموا إلا بعد ذلك، لأنهم معذورون، حيث إنهم لا يعلمون حال إمامهم، وكذلك لو صلى بغير وضوء جاهلاً فلو قدم إليه طعام فيه لحم إبل، وأكل من لحم الإبل وهو لا يدري أنه لحم إبل، ثم قام فصلى ثم علم بعد ذلك أنه لحم إبل فإنه يجب عليه أن يتوضأ ويعيد صلاته، ولا إثم عليه حين صلى وقد انتفض وضوءه وهو لا يدري بانتقاضه لقوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (٢) .

ولا يخفى أيضاً أننا إذا قلنا أنه صلى بغير وضوء، أو بغير غسل من


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٨٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>