للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لم يصل فيحول نيته من العصر إلى الظهر فهنا لا تصح لا صلاة الظهر، ولا صلاة العصر، أما صلاة العصر فلا تصح لأنه قطعها، وأما صلاة الظهر فلا تصح لأنه لم ينوها من أولها، لكن إذا كان جاهلاً صارت هذه الصلاة في حقه نفلاً، لأنه لما ألغى التعيين بقي الإطلاق.

مثال ثالث: صلى بنية الراتبة ثم بدا له في أثنائها أن يجعلها نفلاً مطلقاً صح، لأن نية الراتبة تتضمن الإطلاق والتعيين، فإذا ألغى التعيين بقي الإطلاق.

والخلاصة: أنني أقول إن النية المطلقة في العبادات لا أظن أحداً لا ينويها أبداً، وإذ ما من شخص يقوم فيفعل إلا وقد نوى، لكن الذي لا بد منه هو نية التعيين والتخصيص.

ومن المسائل التي تدخل في النية: نية الإمامة بعد أن كان منفرداً أو الائتمام بعد أن كان منفرداً وهذا فيه خلاف بين العلماء، والصحيح أنه لا بأس به، فنية الإمام بعد أن كان منفرداً مثل أن يشرع الإنسان في الصلاة وهو منفرد ثم يأتي رجل آخر يدخل معه ليصيرا جماعة فلا بأس بذلك، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام يصلي من الليل وكان ابن عباس – رضى الله عنهما – نائماً ثم قام ابن عباس فتوضأ ودخل مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (١) وأقره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والأصل أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، لو شرع الإنسان يصلي وحده ثم جاء آخر فدخل معه ليجعله إماماً له فلا بأس، فيكون الأول إماماً والثاني مأموماً، وكذلك بالعكس لو أن أحداً شرع في الصلاة منفرداً ثم جاء جماعة فصلوا جماعة فانضم إليهم فقد انتقل من


(١) تقدم تخريجه ص ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>