للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفوفكم، لا تختلفوا قلوبكم، تراصوا، سدوا الخلل، كل هذه الكلمات وردت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى آله وسلم.

وقد خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً من الأيام بعد أن عقل الناس عنه تسوية الصفوف، وصاروا يسوونها بأنفسهم، فرأى رجلاً بادياً صدره، يعني متقدماً بعض الشيء، فقال: "عباد الله لتسون بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" (١) . وهو حديث صحيح، وفيه وعيد شديد؛ لأن مخالفة الله بين الوجوه قيل فيها معنيان:

إما أن الله يدير وجه الإنسان فيكون وجهه إلى كتفه والعياذ بالله.

وإما أن المراد ليخالفن الله بين وجهات نظركم فتفترق القلوب وتختلف لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم" (٢) . وأياً كان الأمر سواء لي الرقبة حتى يكون الوجه إلى جانب البدن، أو أن المراد اختلاف القلوب، فكله وعيد شديد، ويدل على وجوب تسوية الصفوف وأنه يجب على الإمام أن يعنى بتسوية الصف، لكن لو التفت ووجد الصف مستقيماً متراصاً والناس متساوون في أماكنهم، فالظاهر أنه لا يقول لهم استووا لأنه أمر بما قد حصل إلا أن يريد اثبتوا على ذلك.

لأن هذه الكلمات لها معناها، ليست كلمات تقال هكذا بلا فائدة، فالإمام إذا قال: استووا ورآهم لم يستووا، يجب أن يعيد القول وألا يكبر إلا وقد استوت الصفوف.


(١) هذا بقية حديث النعمان وقد تقدم في الصفحة السابقة.
(٢) رواه مسلم وتقدم تخريجه في ص٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>