يؤذين بعضكم بعضاً ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة". قال ابن عبد البر: حديث البياضي، وأبي سعيد، ثابتان، صحيحان.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه ٢٣/٦١ مج الفتاوى: ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين. وفي جواب له ١/٣٠٥ من الفتاوى الكبرى: ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك منع منه. أهـ.
أما إذا كان استعمال مكبر الصوت لا يشوش على أحد، ولا يؤذي أحداً بحيث تكون السماعات داخل المسجد، فهذا إن كان فيه مصلحة كتنشيط القارئ والمصلين، أو كان له حاجة مثل: أن يكون المسجد كبيراً، أو يكون صوت الإمام ضعيفاً فلا بأس به، وقد يترجح جانب استعماله على جانب تركه.
وإن لم يكن في ذلك مصلحة ولا له حاجة فلا يستعمل لأن في ذلك استهلاكاً للكهرباء، واستعمالاً بلا مصلحة ولا حاجة وفي ذلك ما فيه.
وأما ما ذكرتهم من أن بعض الناس يكره الصلاة في المسجد الذي فيه مكبر الصوت وربما تحول عنه إلى مسجد آخر، وربما تعرض لعرض من يستعمله، فلا وجه لكراهته هذه، ولا ينبغي له أن يتحول عن المسجد من أجل هذا السبب؛ لأن الأحكام الشرعية لا تتبع أذواق الناس وما يهوونه، بل هي مضبوطة بحدود من قبل الله ورسوله، ولهذا يعبر الله تعالى عن كثير من الأحكام بأنها حدوده، فإن كانت أوامر قال: "فلا تعتدوها" وإن كانت نواهي قال: "فلا تقربوها".