يقصد الإضرار بإخوانه، لكن هو في الحقيقة قد أضر بهم من حيث لا يشعر حيث شوش عليهم في صلاتهم ودعائهم، كما أنه وقع أيضاً فيما نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن". رواه الإمام مالك في الموطأ (١) . قال ابن عبد البر: وهو حديث صحيح.
وإذا كان الجهر بالقرآن حيث يشوش على من حوله من المصلين والذاكرين والداعين وقوعاً فيما نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأذية على المسلمين فإنكم تعلمون ما يترتب على مخالفة أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأذية المؤمنين.
وقد سئل شيخ الإسلام بن تيميه – رحمه الله – عمن يجهر بقراءته فيحصل به أذى على المصلين فأجاب بقوله: ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين. انتهى.
فالواجب على المسلم الابتعاد عن الوقوع فيما نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيما فيه أذية إخوانه المسلمين لاسيما المتعبدون منهم بالصلاة والدعاء، وأن يقدر حال إخوانه ويعرف مدى الأذية التي تلحقهم في عبادتهم من أجل جهره في قراءته، فإن لو قدرت مسجداً حولك قد رفع إمامه، أو المحدث فيه صوته عالياً على المنارة حتى صار يشوش عليك، لا تدري ما تقول في صلاتك، يخلط عليك في قراءتك ودعائك، وتسبيحك في ركوعك